Premier anniversaire des évènements du 16 mai 2003

سنة كاملة بعد أحداث 16 مايو 2003

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا لا ينبغي إلا له ونشكره جل وعلا شكرا لا يليق إلا به ونشهد أنه الله، حرم قتل النفس فقال:

وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ .. وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا


ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صَنَّفَ قتل النفس ظلما في الموبقات السبع فقال:

اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ
قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ

أما بعد، فقد مرت سنة كاملة على أحداث السادس عشر من مايو ولا زلنا نتساءل عن الأسباب التي دفعت بأولئك ومن على شاكلتهم إلى أن يتحولوا إلى قنابل تيتم الأطفال وترمل النساء وتزرع الرعب في قلوب الناس. ومهما كان تساؤلنا دقيقا فإننا لن نجد مسوغا لمثل هذا الفعل الشنيع أيا كانت الظروف التي أدت إليه.. اللهم إن كان ذلك في إطار جهاد مشروع وقد انقطع الزاد عن المظلوم فلم يجد للدفاع عن نفسه إلا أن يجود بحياته في سبيل الله. أما أن يُعْمَدَ إلى ذلك في بلاد الإسلام أو في بلاد معاهِدةٍ فلا.. لا ثم لا.. لأن ذلك ليس من الدين في شيء والإسلام منه براء.

وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا .. إلا من تاب وآمن..

إن قتل النفس أيها المسلمون حرام إلا في إطارٍ حدَّدَهُ الإسلام ولم يترك بعده مجالا للتأويل. قال تعالى:

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا

وحتى في حالة الخطأ هذه هناك أحكام وقواعد تؤطرها..

وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ .. فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ

هذا إن كان المقتول مؤمنا.. أما إذا كان كافرا فالأمر أشد وأمر بمجرد أن يكون آمنا في دار الإسلام أو تربطه بالمسلمين معاهدةُ سلام..

وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً

ولا توجد هنا فرضية التنازل.. ثم إن الكفارة عند العجز سواء بسواء صومٌ بشكل معين إبراء للذمة.

فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

أما قتل العمد تماما كما وقع في الدار البيضاء أو في الرياض أو في مدريد أو غيرها فيقول فيه تعالى:

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا

فاللهم قنا شر الفتن وأبعد عنا النقم وأجرنا من جهل الجاهلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. لقد تبين أن قتل النفس له مجاله الخاص وحتى في مجاله هذا فإن له وقواعد وضوابط:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ

وهذا التريث مطلوب تجاه الكفار المقاتلين بله نحو مؤمن أو مسالم لم يشهر السلاح ولم يحدث نفسه بذلك.. وحتى لو فرضنا أن المسلم أُجْبِرَ على القتال فإنه لا يجوز له أن يحترف العدوان ويمارس الإرهاب بأي حال من الأحوال..

وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ

فالظلم ولو كان على الكفار مرفوض شرعا ولا ينبغي معاملتهم بالمثل إلا في ظروف معينة على أن العفو والصفح والصبر دائما أفضل..

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ

فإن تذرع أحد بقوله عز وجل:

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ

قلنا له اقرأ بقية الآية:

وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ..

وهل هناك فتنة أكبر وأعظم من التسبب في تشويه صورة الإسلام بنشر لقطات تشنع نفسَها قبل أن يُنَدَّدَ بها.. أجل إن التعذيب الذي مورس على الأسرى العراقيين ورُوِّجَ له في وسائل الإعلام مردود جملة وتفصيلا ولكن لا يمكن لهذه التصرفات المشينة أن تدفع بالمسلم إلى ممارسة منكر هو أفظعُ منها بدعوى الانتقام.. فقد قال صلى الله عليه وسلم:

لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا

اللهم صل محمد على سيدنا محمد وعلى آله كما صليت على سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وقلةَ حيلتنا وهوانَنا على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربنا.. إلى من تكلنا.. إلى بعيد يتجهمنا أو قريب ملكته أمرنا. إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي ولكن عافيتك هي أوسع لنا. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلَح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحق علينا عقابك أو يحل بنا غضبك.. لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.
اللهم وفق ولي أمرنا أمير المؤمنين سيدي محمد السادس لما تحب وترضى. اللهم اجعل قرة عينه في الصلاة واطمئنان قلبه في ذكرك وكنه حكمه في إتباع نبيك.
اللهم وحد صفوف المسلمين واجمع كلمتهم على الحق المبين وأبعد عنهم شرور كل من يتربص بهم آمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.