L’éducation première du Prophète

نشأة محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى ونشكره ونشهد أنه الله الذي لا إله غيره مدح نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له:

مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ


ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله قالت عنه عائشة:

كَانَ خُلُقُهُ القُرْآن

أما بعد فيا أيها المؤمنون، ونحن نحتفل بذكرى بزوغ النور المحمدي أدعوكم إلى التعرف على أصل هذا الخلق العظيم الذي نُوِّهَ به من فوق سبع سماوات. لقد كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم منذ صغره مثالاً للأخلاق الكريمة والشيم العالية. نشأ يتيما من الأب والأم والجد حتى لا يتكل على أحد ولكن الذي آواه كان هو الله..

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى

نشأ محمد صلى الله عليه وسلم يتيما ورغم ذلك لم يُعرف عنه أنه شرِب خمراً أو أنه غازل امرأة أو عاكس فتاة أو شارك في لهو لأن الذي أعده وهداه كان هو الله فنال بذلك تقدير الجميع..

وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى

بل لما كفله شقيق أبيه وكان فقيرا كثيرَ العيال اضطر  أن يأخذ بزمام أمره ويعتمد على نفسه مبكرا فعمل في رعاية الغنم فتعلم الرفق وسياسة القطيع والصبر على شظف العيش. لم يعتمد على شرف نسبه إنما شمر على ساعده ووجد كل الشرف في ممارسة العمل والابتعاد عن مد اليد للآخرين لأن الذي أغناه كان هو الله..

وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى

لقد كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الرذيلة حتى أنه مرةً، أيام شبابه فكر في حضور عرس من أعراس مكة فحال النوم بينه وبينه.. لقد أراد الله أن يحفظه طاهراً مطهَّراً من كل سوء حتى لا يستطيع أحد ممن سيعاديه مستقبلا أن يقول فيه ولو كلمةً واحدة..

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

هكذا نشأ سيدنا محمد  فكان أهلُ الجاهلية يلقبونه بالصادق الأمين حتى أنهم بعد نشوء الخصومة معه ظل  طوال مُقامه بمكة وأهلُها لا يجدون من يأتمنونه على ودائعهم وأغلى ما عندهم إلا هو. وقد والله صدقت فراستهم، فما أن تهيأ صلى الله عليه وسلم للهجرة حتى ترك الوصية لعلي بأن يرد الودائع كلها إلى أهلها.. ألم يكن باستطاعته أن يقول هم أخرجوني وآذوني وعذبوا أصحابي أفلا أنتقم لنفسي فآخذ ما استودعوه عندي؟ ولكنها النفس التي لا ترضى أن يجرب عليها ولو مرة واحدة الخيانة أو الكذب.. هكذا كانت نشأته صلى الله عليه وسلم وهذه هي المدرسة الابتدائية التي تَكَوَّنَ فيها.. مدرسة يعلوها الفخر والعز والنقاء والإيمان فما بالك باللإعدادي والثانوي بله الجامعي. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث هذا النبي الكريم ويرحم الله عبدا قال آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العامين.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الكريم. أما بعد فهل يستطيع أحدٌ أن يدَّعي نشأة مثل هذه أو تكوينا مثل هذا.. اللهم أن يكون رسولا محاطا بعناية الله؟ ولكن الله تعالى يقول:

مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتِمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

إننا برواية هذه السيرةِ العطرة لا نطالب بامتثالها كاملة لأننا لن نستطيع وإنما هي دعوة للاستنارة بها والشرب من معينها والسير في فلكها. لقد كان صلى الله عليه وسلم ذا خلق عظيم لا يكذب أبدا.. فلنكن كذلك مصداقا لقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ

كان صلى الله عليه وسلم لا يُضَيِّعُ الأمانة ولا يخون العهد أبدا.. فلنكن كذلك سواء في السوق أو في الإدارة أو أثناء العبادة، فعن أنس رضي الله عنه قال:

مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا قَالَ: لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَه، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَه

كان صلى الله عليه وسلم لطيفا رفيقا لا يجهل ولا يغدر أبدا.. فلنكن كذلك وليرحم بعضنا بعضا وليأخذ كل منا بيد أخيه ولْنَدَعِ المكر والخداع حتى لا نقع في قوله تعالى:

وَ لاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيئُ إِلاَّ بِأَهْلِه

كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالتي هي أحسن فلنكن كذلك ولْننطلق في تبليغ هديه ونشر سنته بالحكمة والموعظة الحسنة..
أما آن لكل فرد منا أن يقوم بما آتاه الله من قوة للذود عن حرمات الله بمحاربة أوكار الفساد التي انتشرت هنا وهناك.. أما نخاف أن يصدق علينا قول القائل:
الساكت عن الحق شيطان أخرس
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .. إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء.. أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين. اللهم صل على هذا النبي الكريم والرسول العظيم وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم ردنا إليك ردا جميلا وقو إيماننا وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربنا من الراشدين. اللهم انصر أمير المؤمنين وأعنه يا رب على محاربة الفساد والضرب على يد المفسدين قرير العين بولي عهده وسائرِ أفراد أسرته ومكونات شعبه.
اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الإسلام والمسلمين وكن اللهم لإخوتنا في فلسطين وفي غيرها من بلاد المسلمين آمين.. آمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولوالدي ووالديكم وسائر عباده المخلصين والحمد لله رب العالمين.