إن الله يأمر بالعدل والإحسان (2)

الحمد للهِ ولا نحمد أحدا سواه، والشكر لله ولا نشكر أحدا غيره ونشهد أنه الله، أمرنا بإتيان معاليَ الأخلاق ونهى مطلقاً عن سَفَاسِفِهَا فقال جل في علاه في سورة النحل، سورةِ النِّعَم:

ونشهد أن حبيبنا وإمامنا محمدا عبدُ الله ورسولُه، حين سُئِلَ عن أكثرِ ما يُدْخِلُ الجنةَ قال كما رواه ابن ماجة عن أبي هريرة:

أما بعد فلا زلنا نقتفي أثرَ تلك الآيةَ العظيمة وكنا، بعد ذكر ما توجب عن الإحسان والعدل، قد وقفنا عند الأمر فيها بإيتاء ذي القربى وهو نوعٌ خاصٌّ من أنواعِ الإحسان والعدل المأمورِ بهما. وإنما ذُكر هذا النوعُ اهتماما، لكثرة ما يغفَلُ الناس عنه ويتهاونون بحقّه. قال تعالى مذكرا بشأنه واستجلابا لتفعيله:

وفضلُ صلةِ الرحم وخطر قطعِها معلومٌ لدى الخاص والعام فلا حاجة للتذكير بهما علما بأن النصوصَ الواردةَ فيهما أكثرُ من أن تحصى ولعل الفرصةَ تُتاح قريبا للتفصيل في ذلك. ثم إن اللهَ تابع القولَ واعظا بالنهي عن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ إذ هي أصولُ المفاسد. فأما الفحشاءُ فاسمٌ جامعٌ لكلِّ عملٍ أو قولٍ تستفظعه النفوس، فاعتقادُ أن القرآنَ ناقصٌ فحشاءٌ كبير وكلُّ خُلُقٍ بذيءٍ مشينٍ أيضا فالقتلُ فحشاءُ وكذا السرقةُ والقذف وغصبُ المال والحِرابةُ والزنا واللواطُ والميسرُ وشُرْبُ الخمر وما إلى ذلك. كل هذا من الفحشاءِ وينبغي محاربتُه والضربُ على يد كل من يسعى لنشره وإشاعته في صفوف المؤمنين:

وأما المنكر فبعدَ الاستراحة والحمد لله. الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه. المنكرُ هو كلُّ ما لا يروق النفوس المعتدلة وتكرهه الشريعة الغراء ويأباه العقلاء من بني الإنسان الفضلاء من فعلٍ أو قولٍ أو عمل، ومنه ما حَدَّثَ عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم حين قال فيما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:

فالكلام عن أحكامِ الله بدون علمٍ من القيلِ والقال المنهيِّ عنه وهو من أعظم المنكر الذي ظهر في هذا الزمان. والجدالُ في صلاحيةِ أحكام الله ووجوبِ تصحيحها من كثرة السؤال التي يُبْغِضُها اللهُ تعالى وهو منكرٌ لا غبار عليه. وأما الإنفاق على البرامج الفاسدة والمنتوجات الهدامة فمنكر حرام بواح نشكو ضره لمن نرجو منه الفوز والفلاح. فاللهم اغفر لنا والحمد لله.