Jérusalem nous interpelle, que faire?

الأقصى ينادينا فما العمل؟

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين نحمده تعالى حتى يرضى ونحمده إذا رضي ونحمده بعد الرضى، نحمده عز وجل على كل حال ونعوذ به من حال أهل الضلال، ونشهدُ أنه الله الذي لا إله إلا هو خلق الكون على سنن قائمة على العدل المطلق الذي لا يحابي أحدا ثم وجه الإنسان إلى عدم التعدي على تلك السنة العظيمة فقال:

وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ

ثم إنه سبحانه وتعالى بين لنا أن الهزيمة والانتصار يخضعان لتلك السنة العظيمة إذ لا تخطئهما أبدا، فالمهزوم لا يؤتى إلا من قبل نفسه ولا ينتصر من انتصر عليه إلا لأنه أخذ بالأسباب اللازمة، فقال تعالى بعد هزيمة المسلمين في وقعة أحد:

أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ

ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وإمامنا محمداً عبدُ الله ورسوله روي عنه أنه قال:

مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ

أيها المسلمون، سياق هذه الخطبة لن يندرج في التعرض لنداءات الإيمان التي تواعدنا عليها وإنما يأتي استجابةً منا لنداء الأقصى وما يحاك ضد إخواننا في فلسطين من تهجير وطمس للهوية. ولست أبغي القيام بسرد الواقع المؤلم وإلقاء اللوم على الغاصبين وكأنهم هم المسئولون عما يقع بقدر ما أريد التأملَ في ذاك الواقع وعرضَه على توجيهات الله الكونية التي نتجاهلها كمسلمين ونريد منه سبحانه أن ينصرنا رغم تقصيرنا. فرسول الله أنبأنا بأن خسران الأمة لن يكون أبدا على يد أعدائها بقدر ما سيأتيها من قبل نفسها فقال كما صح عنه:

إِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ: إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا

لهذا فنحن نقول إذا أردنا أن نفهم لماذا حالة الأمة على ما هي عليه فعلينا أن نبحث عن الخلل فينا عوض البحث عن مسؤول غيرنا والحمد لله والله أكبر.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه. كل ما يقع اليوم في العالم الإسلامي وخصوصا على مشارف الأقصى نتيجةٌُ لتفريط المسلمين في مكتسباتهم وعدمُ الأخذ بجدية بزمام أمروهم حيث ضيعوا دينهم ودنياهم على حد سواء! أما ديننا فقد ضيعناه لكوننا لم نعد نحتفظ فيه إلا بواجهته حيث نصلي والفحشاء والمنكر منتشران فينا ولا يتصدى لهما إلا القليل وإذا هو فعل يرمى بشتى الأقاويل! نصوم عن الطعام ولا نصوم عن الكذب والزور واللعن والسب في رمضان! نزكي في رأس الحول ولكننا نحسب لتلك الفريضة ألف حساب وكأننا في سوق تجارية نحرص على كل درهم يخرج من جيوبنا بغض النظر عن المن والأذى المساير لذلك! نحج ولكن بشرط أن يتم ذلك في أفخر الظروف ثم نرى من التبذير ما لا يقدر عليه إلا الشياطين! ضيعنا جل الأخلاق التي تتولد عن الشعائر التي أمرنا بإقامتها فلم تعد إلا طقوسا لا روح فيه إلا من رحم الله فهل نسينا قول ربنا المؤسس لسنته والذي لا يحابي أحدا:

وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا

أما دنيانا فضيعناها بتركنا الأخذِ بأسباب النجاح فيها! كيف نريد نصر ربنا على قومٍ هم أنظفُ وأعقل وأصوب وأعلم وأقرب إلى سنن الكون منا؟ ألسنا نرى حالة شوارعنا ومراحيضنا؟ ألسنا أقلَّ حزما في تطبيق القانون والأخذ بالعدل منهم؟ فوارقهم الاجتماعية أليست أقل شرخا من فوارقنا واحترامهم للإنسان أليس أجمل من احترامنا؟ أما العلم والبحث فيه فحدث ولا حرج ولا تسل عن قضيتي التعليم والصحة اللتين لا مجال للمقارنة فيهما بيننا. فماذا إذن تنتظر أمة الاستهلاكِ وعدمِ الإنتاج من أمم توقف وجودها على إنتاجها؟ اللهم دبر لنا فإننا لا نحسن التدبير وردنا إليك ردا جميلا اللهم انصر ولي أمرنا وتوله بحفظك واكلأه بعنايتك واجعلنا وإياه من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون اللهم أيده بالحق وأيد الحق به حتى لا يقضي أمرا إلا لصالح الدين والمواطنين وأقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته وشعبه آمينَ والحمد لله رب العالمين.